من يصدّق أن الفاصل الذي يحول بيننا وبين الموسم الأجلّ رمضان = ثلاثة أهلة ليس إلاّ ؟!
جمادى الآخرة ، رجب ، شعبان ثم ّ.. ثم رمضان ، ما أسرع الايام !!
نعم أشهر ثلاثة فقط هى الحاجز الزمني بيننا وبين الشهر الكريم ..
اعتدنا أن نستعدّ متأخرين ، وأن نحاول إدراك ما يمكن إدراكه مستعجلين .. ما ضرنا لو بدأنا بالتأهب الروحي ، وبالاستعداد العبادي من الآن ..
رمضان .. ما أعظم الشوق إليه ، على أن هذا الشوق لا يختلف من شخص لشخص أعني أن الذين شهدوا خمسين أو ستين رمضان لم يدب الملل إلى نفوسهم ولم تنطفئ جذوة الشوق في صدورهم ، بل لا يزيدهم مرّ السنين إلا شوقاً ولهفة ، وحباً والتياعاً .
سرّ الأسرار رمضان ، شهر الديانة والصيانة والعبادة والتقوى .. روحانية عامّة ، وشعائر قائمة ، وذكر وصيام ، وبذل وقيام .
من الان لابد وأن نصطلح مع القرآن كخطوة أولى ، وأقترح كما هى العادة أن نبدأ بقراءة القرآن مضموماً إليه التفسير ، قراءة فهم وتدبر ، قراءة معانٍ لا حروف ..
القرآن باب كل خير ، وساحة كل بر ( كتاب أنزلناه إليك مبارك ) ( مبارك فاتبعوه واتقوا ) ، وحسب القارئ والعامل والمتدبر أنه يعيش مع الله وفي الله وعند بابه وعلى رحابه فيستحق عندها أن يكون من أهل الله ، أنعم به من لقب وشرف ونسب .
من اليوم نشرع المصاحف في البوت ، ونتغنى بالقرآن ، ونسابق الزمن ، نضم المصحف ونبكي ونعتذر عن الهجر ، ونتوب من القطيعة ، ونستغفر الله .
من اليوم نجدد الصلة ، ونبرم العهد ( إن العهد كان مسئولاً ) .
كيف عشنا في عزلة عنه وهو الروح ؟ ( وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا ) ؟!! ، بل كيف صحت منا الأرواح والأجساد وهو الشفاء : ( وشفاء لما في الصدور ) ، ( قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء ) ؟!
كيف لم نشعر بالظلام في غيابنا عنه وهو النور : ( قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين ) ؟
من اليوم لابد أن يكون للقرآن وقت لا نخرمه ، وساعة لا يزاحمه فيها غيره ، حتى إذا جاء رمضان فإذا القلوب بالقرآن ندية ، وبالآي لينة طرية ، عندها فقط يمكن أن نكون أو نحاول أن نكون كما أراد الله لنا أن نكون ( هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان ) .
اللهم بلغنا وأعنّا .